عدد المساهمات : 56 نقاط : 168 تاريخ التسجيل : 01/06/2011
موضوع: رحلة النضال الأربعاء يونيو 01, 2011 9:28 pm
رحلة النضال
ابن قولية الشيخ حسن سلامه
وقف الشاب الطويل حسن سلامه أمام كسارة الحجارة في الجبل يديرها بكل قوة و عنفوان و ضع الحجارة الكبيرة في فم الكسارة من جهه لتنزل حصمة و ترابا ناعما من الجهة الأخرى، كان الهواء يثير الغبار الأبيض الناعم من الكسارة فيغطي وجهه و شعره و تبيض ملابسه و عندما انتهى حسن من تفتيت الحجارة التي أمامه في الكسارة نزل الى بطن الجبل فوضع الديناميت و مد خيط الفتيل مسافة عشرة امتار تقريبا ثم أشعل الفتيل و اختبأ فانطلقت الشرارة تحرق خيط الفتيل حتى وصلت الديناميت فإنفجر و بإنفجاره تكسرت الصخور القاسية من الجبل و بعد هدوء الانفجار عاد حسن ليلم الحجارة الكبيرة و يضعها في فم الكسارة من جديد و يطحنها رملا ناعما و حصمة جاهزه للبيع ليأتي عمال البناء بسيارات الشحن الكبيرة يحملون الرمل و الحصمة و يستعملونها في بناء البيوت و العمارات الضخمة في يافا و الرملة و اللد.
هكذا كان حسن رجلا قويا يكسر الصخور و يطحن الحجارة و يتعامل بالديناميت. كان يحب تراب و صخور بلاده و حجارة أرضه و كان ينظر الى جبل قوليه فيراه شامخا قويا ، و يتذكر طفولته فيه حين كان يلعب مع رفاقه في المغامرات المنتشره فيه ، و حين كان يرافقه ابن عمته (محمد ياسين ) ليتدرب على إستعمال البندقية و المسدس و إصابة الهدف.
ستيقظ حسن من نومه مذعورا و استيقظ جميع من في المنزل مذعورين لسماع اصوات إطلاق الرصاص في كل انحاء قرية (قوليه) و انطلق حسن الى بيت ابن عمته الشيخ محمد ياسين القريب يسأله ما الخبر....
- ما القصة ؟ ما الخبر ؟ لماذا يملأ الجنود الإنجليز الشوارع ؟ لماذا يطلقون الرصاص في كل إتجاه؟
- أنظر هناك: بيت خالتي البقرات إنهم يطلقون النار على البقرات الأربع في الساحه و انظر: ها هو ابن خالتي ينزف الدم من وجهه و يرتمي على الأرض يا الله....
و خالتي تركض تجاه ابنها فيرمونها بالرصاص . ما الذي يحدث؟
ياسين حسن سلامه الى الداخل و بعد هدوء حال يجيبه:
- يا حسين هؤلاء الإنجليز إحتلوا أرضنا. و هم يضايقون العرب في كل قراهم و جبالهم ووديانهم و امس اشبههوا ان احدا من شبان هذه القرية (قوليه) قد القى الحجارة على دورية من جنودهم و اليوم هم ينتقمون من اهل البلد بهذا الشكل العنيف
و لم يكد ينتهي محمد ياسين من كلامه الا و صوت المكبر يعلن حضور الحاكم العسكري الإنجليزي للقرية...
- إعلان هام ... على أصحاب البيوت التالية أسماؤهم مغادرة بيوتهم استعدادا لنسفها حالا..
و يقفز حسن سلامه من مقعده و كأن حية لذعته أو كأن كهرباء مسته ماذا ؟ ماذا؟ أحسن بيوت القرية تنسف؟ و أين يسكن أبناؤها ؟ أين ينامون؟ ملابسهم ، ماذا سيلبسون اذا حرقت؟الأسرة ؟ الأثاث؟ الطناجر؟الصحون؟ كل المنزل ينسف هكذا؟ و بسهوله؟ و فعلا يترك أصحاب البيوت الأربعة منازلهم و يقفون مع أهالي القرية كلها يراقبون عملية نسف بيوتهم
الحقد النقمة الثورة الأسى الثأر الف الف عاطفه تثور في نفس حسن و في نفس ابن عمته محمد ياسين فيقرران:
- لن نسكت سوف نجمع الرجال الذين نثق بهم و ندربهم هنا في جبل (قوليه) على إستعمال السلاح و إصابة الهدف و سنحارب الإنجليز و سنحارب أيضا اليهود الصهاينه الذين يحضرون لبلادنا كمهاجرين بينما يعطيهم الإنجليز وعودا بمساعدتهم في تكوين دولة لهم في أرضنا فلسطين و قرر حسن أن يخبر صديقه محمود درويش الذي يشتري منه الرمل فانتظر قدومه لتحميل الرمل المتفق عليه و أخبره عن إتفاقه هو و ابن عمته (محمد ياسين) و عن خطة التدرب على السلاح و اتفق معه على الإلتقاء في المغارة التي في بطن جبل (قوليه) صباح اليوم التالي...
ثم ذهب الى ابن خالته و حدثه بذلك و استعد للإلتقاء به في المكان نفسه.
و إنتظر قدوم صاحب السيارة الكبيرة من( العباسية) (زكي عبدالرحيم) ليخبره أيضا و هكذا جمع حسن سلامه و ابن عمته محمد ياسين الرجال الأقوياء الأوفياء من قريتهم (قوليه) و القرى المجاورة كالعباسية و المزيرعة و دير طريف و من المدن القريبة كالرملة و اللد و أخذوا يؤلفون الفرق لمقاومة الإنجليز.
و بعد مدة قال حسن لنفسه:
- اليوم أنزل متخفيا الى مستعمرات اليهود القريبة و أتجول في الشوارع أدرسها و أتعرف على طبيعتها و أتجول في تل أبيب أسمع الأخبار التي يرددها اليهود هناك,
و في المساء إلتقى مع أصحابه في المغارة و قال لهم:
- لقد سمعت اليوم أن قافلة من اليهود الصهاينة قد حضرت الى حيفا عن طريق البحر و ستتوجه الى (رأس العين) قرب القدس في قطارين كبيرين فماذا ترون؟
قال ابن عمته محمد ياسين:
- نعد أنفسنا للهجوم عليها طبعا..أنا أحضر الديناميت الذي لدي.. و أنت تحضر الديناميت الذي عندك يا حسن
قال محمود: و أنا أيضا إشتريت قبل مدة من أحد صيادي السمك كمية كبيرة من الديناميت كان يستعملها لصيد السمك و سأحضرها أيضا و سوف أحضر بعض السكر الذي أضفناه للديناميت زاد من قوة إنفجاره هكذا قال لي الصياد.
قال حسن: و أنا سأذهب في جولة على الشبان المتدربين أدعوهم للمشاركة في هذا الهجوم
- حسنا… تفقنا … الى اللقاء ....
انطلق الرجال لإحضار أسلحتهم التي كانوا يخبئونها في المغارات السرية في الجبال و انطلق حسن و ابن عمته و أحضرا ثلاثة جمال محملة بالديناميت و البارود و زرعوا سكة الحديد بالألغام ووقف الرجال كل في المكان الذي حدده له حسن سلامه و طوقوا المنطقة استعدادا للهجوم.
تحرك القطار من حيفا متجها الى رأس العين و ما أن وصل المنطقة حتى إنفجرت العربات الأمامية و انقلب القطار و بعد برهة أعطى حسن سلامة الإشارة للرجال فهجموا على القطار و انهالوا بالرصاص من كل جهة و سقط الأعداء الصهاينة قتلى و جرحى و استنجدوا باللاسلكي بأصحابهم الإنجليز فحضرت قوات ضخمة لمساعدتهم إلا أنهم وجدوا أن العرب قد إنسحبوا من أرض المعركة بكل خفة حسب تعليمات قائدهم و خبأكل مناضل سلاحه في مغارات سرية و عادوا إلى قراهم و أعمالهم و كأن أمرا لم يكن...
انتشر الإنجليز في اليوم التالي في القرى المجاورة كان هناك ثلاثة قتلى عرب استشهدوا في المعركة منهم ابن عمة حسن الشهيد محمد ياسين و بدأوا يسألون في قرية (قوليه) عن حسن و ذهبوا الى والده الشيخ:
- أين حسن ؟ اين إبنك حسن أيها الشيخ لقد كان يحاربنا أمس فأين إختفى؟
و لكن والد حسن لم يكن ليعرف أين حسن و حتى لو عرف فهل سيخبر الأعداء ؟ و أضاف الإنجليزي بغضب و عنف:
- كلكم هكذا ...كلكم تخفون الثوار و لا تعترفون بأماكنهم ... سنريكم العذاب !!
خذوا هذا الرجل و عذبوه و انسفوا بيته ! انسفوا بيته حالا!!
أما حسن فكان قد أصيب في أثناء المعركة برصاصة في رقبته فانسحب بهدوء و أشار الى زميله محمود درويش فعاونه في الوصول الى مغارة في الجبل مكث فيها الى اليوم التالي...
قال محمود: جرحك يا حسن بليغ .. و أخشى إن سكتنا عليه أن تزداد خطورته فما العمل؟
هل أحملك الى المستشفى في يافا؟
قال حسن: لا إن المستشفيات مراقبة و الإنجليز يبحثون عن المناضلين فيها. و لكنني أعرف مناضلين لهم بيارة في يافا خذني إليهم و هناك نستدعي الطبيب.